أوراق متناثرةٌ على أرض الغرفة ، وأحبار عاثت فساداً على الورق
كتب تقدسها ، هاهي تتوسد الأرض بعد أن حملتها أيدي أحدهم
فرمتها بعنف
تلك الفوضى لم يكن لها أثر قبل بضعُ دقائق ، حينما كانت تجلس
بهدوء بعد أن لاذت بالفرار من كل شيء إلى تلك الزاويه من أقصى
غُرْفتها
وتركت يدها تداعب قلمها ، ليتغنج فيكتب تلك الكلمات القابعه في
عمق روحها
حيث تسكن تلك المرأه العجوز التي
سكن جدائل شعرها البياض ، وجسمها الهزيل كان
يوحي بقلة ضعفها ، وحيلتها كان كل هذا خفيّ فالظاهر
فتاة يافعة العمر ، أنيقه الحب ، مُمْتلئه بالسعاده زاخره
بصرخات المرح التي تٌزينّ صوتها
أنكبت في تلك الليله على حيث يسكنْ واقِعُها بين الورق
في مكانها التي تنتمي إليه ، غابت عن الواقع وعاشت أحلامها
ولم يوقظها من تلك االغفوه التي تدوم طويلاً
إلا صوتْ الباب الذي صفقتهُ والدتها بقوه وهاهي الآن تقف امامها
والغضب قد كشف عن اللامشاعر في قلبها
وكأن الدنيا جمعت اللامشاعر كلها وركلتها في هذا القلب !!
ضربت بيدها على الطاوله حتى عمّ الضجيج أركان غرفتها
المتهالكه بالحزن
وتلك الجدران النائمه على عرش كلماتها
المُرهفه هاهي تستيقظ على تلك الضربه الصارخه
وأتبعت غضبها تلك الكلمات التي ما إن استقرت في قلب تلك
الإبنه حتى كانت كالسهام التي تستقر في القلوب فتطيشٌ منها الروح
قالت لها بسخريه مُشبعه بالعنف : اعتدت أن تكونين في منفى
عن العائله وهذا شيء يجلبْ لنا الحظ السعيد بل والمرح في
غيابك
أراك مُغرمه بهذا الورق وتلك الكتب أكثر من كل شيء
فياترى ماذا تكتبين في تلك الصفحات
أقصة غرام لشاب آلتقيت به وترين أنه الحبيب الذي
كنتِ تبحثين عنه ؟؟!
كانت تتفوه بتلك الكلمات فقط لتهزأ بها ، وما إن وقعت
عيناها على تلك الورقه حتى جَحُظت وألْجِم فاهُهَا
( إليك الحب وإليك منتهى الحياة السعيده )
صرخت عليها
حاولت أن تُهَدِأها حنان وأن تشرح لها ، لكنها لم تترك لها الفرصه
بل إنهالت عليها بالضرب ، المُبْرح وجعلت من جسدها الهزيل
مسرح لجريمة ، سوء الظن ، صفحات خدها نالت من من بصمات
الأذى مايكفي صفعاتٍ حاده وجروحٍ داميه قد شوهت ملامحها
اللطيفه ، مضت تلك الليل بمراسم الغضب الذي أقامَتُه والدتها
على عزف الغناء المليء بتلك الكلمات القاسيه
أعتادت أن تكون حنان في منفى عن العالم بعيدا عن ضجيج الحياه
وما إن خرجت والدتها حتى أتى والدها ليتركَ له بصمته الخاصه به
تلك البصمه التي أتصفت بالألم وببشاعة العظمة التي تكشف عنها يده
في كل مره تهوي بعنف على ذاك الجسد النحيل
جثت على ركبتيها متوسله : أبي فقط هذه المره اسمع لي
أنا ...أقسم لك إنني حين كتبت تلك الجمله ...كنتُ فقط ...أريد
لم تكمل حديثها فقد كانت تلك الصفعه كافيه في أن تبعثر كلماتها
وتشتت شمل أحرفها !
أقام حفلته الشرسه وترك بصماته الموحشه ثم رحل
انتحبت وبكت حتى كاد البكاء أن يقتُلها والدمع يعمي عينها
وكلما نظرت إلى وجهها ازداد بكاؤها فقد تركت تلك الآثار
القليل الكثير من العنف ، وكيف لها في الغد أن تخفيها
عن تلك الأعين التي تنظر إليها ، بل في الغد ستنظر إليها
بالشفقه
أمسكت بالقلم ويداها لا تكاد تقوى على حمله ثم كتبت
(صمتٌ آوى إلى قلبي منذ زمن ، فقتلتِ يا أمي طفلتك
وأنت يا أبي تفننت في ممارسة العنف على جسدي
فغدوت أعيش الحياه واللاحياه ، جسدٌ خاوي ورح لم تفقْ
يوماً من الأحزان )
وفي نوبة الحزن القاتله أمسكت بالمقص بعنف كما علمها
والدها في كل مره يمارس الأذى على جسدها أن تفعل
وكما قالت لها والدتها ، إنّ الحياة الهانئه في لحظات هي
بُعدها عنهم
تركت لحدته أن تمزق يدها فيسيل الدم كسيلٍ جارف
لم تمضي إلا ثواني قليله حتى فقدت وَعْيُها ، وعندما
بزغت الشمسٌ في الصباح دخل أحد اخوتها لغرفتها فأخذ يصرخ مفجوعاً مما رأى
فهاهي تسبحُ في دمها أتى الوالدين على صراخهه
وتم نقلها إلى المُستشفى لكن ذلك لم يجدي نفعاً فقد فارقت الحياه ، تركت خلفها كل شي
كتب وقصاصات ، أوراق وكلمات ، ومشروع كتابها الذي كانت تسعى جاهده في أن يصل إلى الجميع
فهذا هو حُلُمها "كاتبه في المستقبل "
مضت الأيام وهي قد توسدت الرمال ، دخلت والدتها إلى الغرفه ذات يوم
نظرت إلى الطاوله التي كانت تجلس عليها كل ليله وقعت عينها على الورقه ذاتها التي رأتها تلك الليله
أخذت تقرأها ثمّ رمتها بتضجر على الطاوله لكنّ الصاعقه لقلب الأم ماكان مكتوب في الجهة الأخرى من الصفحه
(إليك الحب وإليك منتهى الحياة السعيده)
سيكون هذا اسم الكتاب الذي يتحدث عن أمي ، والذي سيكون أول كتاب يطبعْ عليه اسمي
وأمي هو أولى بحرفي من الجميع أولى بكلماتي التي تداعب الشفاه أولى بالحب من الجميع
أمي وأبي أحقُ برونق حرفي وزينته من الغير
عنفْ
قتل أحلام حنان وأودى بها للهلاك ، قتل طفولتها المُختبأه وآنتهى بموت حلمها الذي كان يُرفرفْ في سماؤها
ماتت أحلام بسبب ضربات مؤذيه تبعتها أسواط الكلام المُهلكه رحلت حنان وتركت تلك الحياه على عتبات بابها التي أحكمت إغلاقه جيداً لتبقى وحيده لكنها اليوم توسدت الرمال وأضجعت القبر
والسلام على طفله ماتت أحلامها وقتلتْ براءتها والسبب في ذلك والديها التي هي فلذه أكبادهم
الخميس، 10 ديسمبر 2015
وفتكَ بالحُلم
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق