باكراً استيقظت ليس كعادتها ، نهضت على عُجالة
استوقفتها مرآتُها اللتي اعتادت ، أن تقيم طقوسها الصباحية أمامها مع بداية كلّ يومٍ جديد
كانت تلك الابتسامة عالقة على شفتيها بوضوح ، كالنوم الذي مازال عالق بأهدابها
اطلقت ضحكة مشبعه بالنُعاس يتخللها تثاؤب وقالت بصوت سيده النوم : عيناي لامعة ، وثغري مُبتسم
آه ملامحي كحبات توتٍ شهيه ، ألا يحبُ أحدكم تأمل التوت ؟
انه يسلب نظركم اشأتم بذلك أو أبيتم !
أكنتمْ مُقرين بذلك أم منكرين !
أطلقت ْقهقهة من أعماقها ، بل الطفلة التي بداخلها هي من أطلقتها
أقتربت من المرآه أكثر لتتأمل ملامحها على مقربة ، وحينما استقرت عينيها في المرآه
صرختْ دون سابق انذار ، وكطفلة أفزعها منظر
أغمضت عينها من شدته ..!
وقالت حلمْ بصوت يراقصه الذعر ويداعبه بشراسة
مضى وقتٍ ليس بطويل وهي مازالت كحالتها
عيناها لم تفتحها ، خشية من أن ترى مالا تريد رؤيتة قط ، اسرعت تتمتم بعباراتها السحرية ، تلك العبارات التي تعلمتها ببراعه من أفلام الكرتون المفضلة لديها قالت بصوت يعلن هروبة من الفزع ، والرعبْ
حسناً ماهذا إلاّ كابوس أتت به جنية الأحلام فقط لتُخيفني ، ابتسمت ابتسامة ذابلة المنظر مقوسة الأطراف ، ربما كان ذلك عبوس وليس انبلاج اسارير وبهجه
قررت أن تفتح عينيها المغلقتين ، لكنها لم تستطيع
مازالت تحلمْ هذا ماقالته لنفسها
مازالت تغط في نومٍ عميق ، عميق جدا ، لدرجة شعورها بالكوابيس المسيطرة على قواها
لم تستيقظ من كل تلك الذكريات اللتي اجتاحتها ، وتلك العواصف التي ألمّت بها
سوى بقدوم حفيدتها : حينما طبعت قبلة طفوليه على جبينها
وبصوتها الطفولي قالت : صباحُ الخير جدتي .....
حقاً يدْ العمر أخذت بها نحو انجراف السنين
بالأمس طفلة واليوم هي امرأة الخمسين عاما
قسماتُ وجهها سكناً للتجاعيد ، وعكازها الذي تتكأ عليه كافي في أن يُخبر عن عجزها والضعف الذي أوهنها كانت تحلم أن تعود طفلةٌ صغيره ، ذات اناملٌ رقيقة وابتسامةٌ لطيفة
تلك الابتسامة التي ما ان تسبح نحو شفتي طفل حتى تأسر قلوبنا لبرائتها
تنهيدة طويلة في حضرت حفيدتها
ثم قالت بعدها ، لا تتعجلي ان تصبحي بالغه ، كوني طفلة تناولي مايجعلك هكذا وللأبد
ان الطفولة شيءٌ جميل ، تغانمي الفرصة ، وانقضي على اللحظة وتشبثي بها
إنّ حياة الطفولة عقدٌ من عنب شهيّ ، تناوليه لوحدك
وكوني فيه انانية ، ولا بأس هنا بهذه الانانية
مارسي طقوسٌ لا يمارسها فيه سواكْ
داعبي بصوتك الطفولي كل شيء ، اهمسي بخفية لدميتك وحدثيها بما تشائين
واطبعي قبلة مجنونة على عصيرٍ لذته أسرت قلبك
وحينما يغفل الجميع عنك تناولي الكثير من الحلوى ، لابأس في أن تأكليها كلها
استيقظي باكرا كل يوم ، وتأملي شمس الصباح حين تطلع علينا كعروسٍ تزف بحياءٍ وخجل
اضحكي كثيراً ، وابكي كثيرا كوني شقية ، لكن لا ترهقي والدتك
اعبثي بأدوات المكياج وعند غفلة شقيقتك الكبرى تسللي لخزانة ملابسها ، واسرقي فستانها المفضل وارتدية ولا تنسين الحذاء ذو الكعب المرتفع
لكنْ إياك حين ترتكبين تلك الجريمة الطفولية : تتمنين أن تصبحين كبيرة ، فتلك الأمنية ستكون عقاباً لك وستكونين مثلي تماما
الطفلة كانت تستمع بهدوء وتلك الجدة قد نضح ندمُها على عمرها الماضي ، شقاوة طفلة تسكُنُها
وبعد هذا المطر الوابل من النصائح ، صرخت الطفلة : للللللللا للللللا جدتي سمحت لي بأن أفعل ما أريد
ذاهبة أنا سارسم ع جدارُ غرفتي جدتي ، فإنني أحبها كثيراً
وسأحضر لها كعك بنكهة العجائز
يالها من طفلة شقية بحقْ ، قالتها الجده وقلبها يتمنى لو أنها مكان تلك الطفلة ....!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق