السبت، 12 ديسمبر 2015

صمودْ ، رحلت

منذ إن تعلقَ قلبي بها وهي خاوية المشاعر ، تستنشق الأُكسجين دون مضايقة ذرات الحنين لرئتيها
و الشوق لم يأثر على عقلها سلباً ، ستائر نوافِذهاُ مشرعة مفتوحة لا تغلقها منذ معرفتي لها
نعمْ كنتُ أعرفها  طيلة اليوم إلا بعد منتصف الليل ، تختفي ، وهاتفها المحمول يغلقْ
ثم و وكأنها أبيدت من الحياة ، بلْ تظنّ أنها لم توجد على ظهرِ هذه الأرض ...!
في أولى أيامي أصابتني رجفة خوف ، وغصة حيرة وتأتأة دهشة
ومنْ ثمّ اعتدتُ على ذلك ، رغمَ جهلي بالأمر كله
في الصباحْ تعود وكأن شيئا بليلة أمسٍ لم يحدث
لا آثارٌ تدلني إلى ما أجهله
ولا ندوب او حتى علامات تخبرَني
وآنا ، مللتُ سؤالها الذي يعود إليّ فارغ الأجوبة كما طرحتة
لم تكن غامضة لكنّ الليل لا أعلم ما الذي يفعله بها
ياٱلآهي اختفاءاتٌ ليلية متكرِرة ، دون سبب او سابق انذار بالنسبة لي
الفضول تنقسم خلاياه في داخلي وتتحد مع خلايا جسمي ، والأسأله وباءٌ اجتاحَ لساني
و كلّ ذلك يعود إليّ  بلاشيءْ

ذاتْ يوم أخبرتني بأنها ستقيمْ وليمة ليلية ، مازالت كلماتها المُتهالكة ْ ترنّ في أذني بل موجات صوتها لا تغادرُني
سألتها بتعجب ثارت حرارتة في اطرافي : وليمة ليلة
في الليل بعد غروب الشمس وحينما ينسدل الظلام على الأرض ، في الليل
الليل الذي لا يعرفكِ فيه أحد
أجابت بزفير وشهيق ممتلأ بما جهلته عنها طيلة أيام معرفتي : نعم ياحبيبتي ، وليمة ليلة
كانت أحرفها تخرج من حنجرةِ عجوز ، وصوتها لولا أنها كانت تحدِثَني وهي أمامي ، لأقسمت أنها أمرأه بلغت من العمر عتياً
تركت كل تلك الكلمات ورحلت تجرّ عكازاً لا يراهُ سوايَ
لحظات طوِال كنت أتوسل فيها الزمن ليمضي بسرعة ، كسرعة البرق
لا أعلمُ رغمَ إنني أمْقتُ اللونْ الأسودْ إلآ إنني في تلك الليلة لبسته
وتزينتُ به اكتفيت بربط شعري كذيلِ حصانْ
تذكرتُ انها قالت لي سبب تلك الوليمة ، شفاءُ والدِها من مرضة  ،الذي لازمه تسعُ سنواتْ
لكني لم اتذكر ليلة أنها اشتكت لي ألمُ قلبها على والدها
آه نسيتُ أنها خاوية المشاعر !
وتذكرت أيضاً ذات ليلة قلت لها ماذا يعني لك الحنين فقالت لي سارق قتلتهُ منذ زمنْ ، واستأصلتُ كل وريدْ مشتبهَ به في أن يضخهُ إلى قلبي ، فيوقظُ أشباههُ الكُثُر
لم يوقظني من ذكرياتي تلك
إلا رنينُ هاتفي ، نظرت إلى المتصل فإذا هي صمود
أجبتها بسرعة : وصلتْ أنا أمامُ المنزلْ
لم اترك لها الاجابة
وها انا اسابق درجاتْ السُلّمْ بسرعة الرياح وفي داخلي ما أجهله
وصلت نعم ها انا اطرق الباب
فتحتْ لي والدَتها بعيون دامعة ، وملامحْ الحزن شنّ الهجوم عليها
قلت لها : أين صمود
أهذه المرة ايضا قامتْ بخداعي ، يالي من غبية كيف صدقْتها
لم أنهي كلماتي هذه حتى أتى صوتُ والدتها التي ركلت اليوم الحياة أمامًها فاجعة ، كيف لها أن تحتملها
صمودْ يا ابنتي لقد رحلتْ
غادرت تاركة كلّ شيء خلفها
دخلتُ والجنون قد تربصّ بعقلي ، وتركني اتخبطْ وأهيم إلى حيثُ لا أعلم .....!
ذهبتُ إلى غرفتها ، انبش هنا و هناكْ
أصرخ مناديه ، لكن لا مُجيب لنداءاتي المتكرره
وقبل خروجي من الغرفة وقعت عيناي المغرورقة بالدموع على مذكرتها
المذكرة 
نفسها التي نهرتني أن ألمسها بلْ الويلُ لي لو أنني قلبتُ صفحاتها
دون وعي أخذتُ أقلب ورَيقاتها ، لعلني أجدها ، ربما تختبأ خلف سطورها
لكنها المفاجأه التي قرأتها مئة مرة وومازلت اقرأها وانا لا أدركها
يوم الخميس ٥\٥
تم التبرع بإحدى الكليتين بطلب من المتبرعة رغم أنها تعلم بالمرض الذي مصابه به وكلى واحدة لن تقوم بجميع مايحتاجه جسمها
أتت تحملها بعملية أجريت لها خارج أحضان المستشفى
وبطلب منها تم زراعت تلك الكلى للمريض نور أحمد
الذي شارفت نهايته بسبب مرضه المزمن في كليتيه

يوم الجمعة ١٠\٦
أشعرْ بالكثيرِ من الألام تصيبني
تهلكني رويداً رويداً
لكنْ كلّ ذلك يهون عندما أرى ابتسامة والدي

يوم الإثنين  ٣٠\٦
أبي يلهجُ بالدعاْء كثيراً
لمن تبرعَ له
إنني أشعر بالسعادة

يوم الأربعاء ٧\٧
شارفتُ على النهاية
صديقتي اختفاءاتي الليلة بسبب ألآم كانت تصيبني
فكنتْ أدرءْ نفسي عن الجميع
وأبي هنيئاً لك بكليتي فإني ممتنة لطبيب الذي فعل ذلك رغمَ أن الأمر لم يكن بطريقة قانونية
وأمي ، فلتبتسمي ، وحياةً هانئة مع زوجكِ اللطيف

وفي يوم السبت ٢٥ \ ٧

لا أعلم لم لا اشعرْ بشيء
أطرافي كصقيعِ ثلج
شفتاي تلونت بالأزرق
لكني فرحة ... نعم فرحة
ف....أبي ....لقد ....

وقع القلم لم تكمل صمودْ كلماتها ، وعندما سمعت والدتها صوت الزجاج المحطم على الأرض دخلت لتجدها ملقاه
تاركه فستانها على سريرها وبجانبها أحمر شفاه
كانت تحاول أنْ تعدُ
نفسها لكن .....لكن نهايتها كانت تلك الليلة
الليلة التي ارادت أن تحتفل فيها بعودة والدها من المشفى ،
الليلة التي كانت تنظرها منذ تسعُ سنوات
وانا الآن مالذي يجب عليا أن أفعله أن أقتلْ الحنين ؟
أم استأصل عقلي وأهبه لفاقد عقل
صمودْ
وغادرت وانا رغم اغلاقي لنوافد الحنين ورغم اني اتخذت محراباً بعيداً عنه
إلا أنه لم يدعني وشأني
اه ليتها قبل رحيلها وهبتني مشاعرها الخاوية ...

ْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق